الاثنين، 1 ديسمبر 2014

بين سعادة طوق النجاة و لوح الركمجة


روى لي صاحبي قائلا :
سمعت يوما عن إحدى الجزر السحرية التي تقع وسط محيط الحضارة و التقدم، جزيرة توفر للمرء كل ما اشتهى قلبه، من الأحلام المادية إلى أحاسيس و مشاعر، من مشاعر المجد و الفخر و الإعتزاز،إلى الراحة و الإستجمام، من الفتيات الجميلات إلى القصور و السيارات، مناظر خلابة و شواطئ ساحرة، أمواج عالية لا يستطيع بشر مقاومة الرغبة الجارفة في ممارسة الركمجة فيها. سمعت أيضا عن شخص إسمه شعب أراد الوصول إلى هذه الجزيرة بأي طريقة، أراد الحصول على تلك الراحة الأبدية مهما كان الثمن.
سمعت أيضا عن مجموعة من الأشرار إمتلكوا سفينة كبيرة، و أرادوا الإبحار بها لوجهة لا يعلمها إلا هم، مشكلتهم الوحيدة إحتياجهم لفرد إضافي في الطاقم لينطلقوا ، فتوجه أحدهم إلى شعب و ادعى له بأنهم يعلمون أسرار محيط التقدم، و أن الخريطة إلى الجزيرة السحرية بيدهم ، و ما كان على هذا الشعب إلا التصديق  لشوقه العظيم للعيش في تلك الجزيرة.
إنطلق الأشرار و معهم شعب في الرحلة، ظانا منه أنه ذاهب إلى الجزيرة السحرية، إستمرت الرحلة لأيام و أيام و شعب مازال متيقنا أنه ذاهب إلى وجهته المرجوة. مرت أشهر و بعدها سنوات و بدأ الشك يدخل نفسه فتوجه إلى القبطان سائلا عن سبب التأخر لكن إجابات القبطان لم تكن واضحة، وعده بأنه سيأخذه إلى الجزيرة لكنه لم يضف على ذلك شيئا، مرت سنوات أخرى و في كل مرة يتجه شعب إلى القبطان يسمع نفس الإجابات، مع مرور الوقت بدأ شعب يفقد صبره، و امتلأ قلبه بالغضب، فخاف القبطان منه أن يقوم بالسيطرة على السفينة لكنه كان يعلم أنه يحتاجه، فقرر إخافته و تغيير أهم اهتماماته من البحث عن الجزيرة إلى البحث عن نجاته  فرماه في البحر و تركه للأمواج و أسماك القرش، و يبدوا أن توقع القبطان قد نجح، هم شعب الوحيد في تلك اللحظات كان النجاة، هي إنتصاره و فيها ستكون عزته و افتخاره، بدأ بالصراخ حتى ألقى له القبطان  حبلا في آخره طوق كروي الشكل  تمسك به شعب و عاد إلى السفينة سعيدا بنجاته مفتخرا بنفسه.
عادت الأمور إلى طبيعتها، استمرت سعادة شعب لأيام و ربما لأشهر، و لكن مع مرور السنوات تذكر شعب أن هدفه كان الوصول إلى الجزيرة، أن هدفه السعادة الأبدية، تذكر أنها في لوح الركمجة الذي يتمسك به باختياره  و ليس في طوق النجاة الكروي، فعاد إلى القبطان ليحدثه في الأمر، لكن القبطان لم يعطه إجابة واضحة مرة أخرى و رماه في البحر ثم أعاده بطوق النجاة الكروي و سحبه إلى السفينة. شعر شعب بسعادة غامرة لنجاته مرة أخرى، ظن مرة أخرى أن مجرد نجاته تكفي لإسعاده لكنه أخطأ مثل المرة الأولى و زالت سعادته مع مرور الزمن.
للأسف سمعت أن الأمر حصل مرارا و تكرارا و مشاعر شعب عند نجاته تخدعه كل مرة، سمعت أن شعبا تعلق بطوق النجاة الكروي لأنه كان السبب في إسعاده مرات كثيرة، لا ألومه رغم أسفي، فهو لم يجد ما يسعده غيره هذا الطوق ،سمعت أنه لم يتشجع للسيطرة على السفينة، لا أعرف ماذا سيفعل، لكني أتمنى من كل قلبي أن يحقق مبتغاه و يحصل على سعادته الأبدية من لوح الركمجة في شاطئ الجزيرة السحرية، لا سعادة مؤقتة من طوق نجاة كروي. نهاية القصة ،قال صاحبي
نظرت إلى صاحبي نظرة المتعجب، إنتابني الشك، بل كنت متأكدا، سألته، شعب هو دول العالم الفقير، طوق النجاة هو كرة القدم، القبطا..  قاطعني صاحبي متبسما،
قائلا" القصة خيالية يا يس، لا تسرح بخيالك بعيدا".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق