الاثنين، 15 ديسمبر 2014

خطوة خطوة


خطوة خطوة نتقدم نحو فأس، خطوة خطوة نمسكه، خطوة خطوة نحمله، خطوة خطوة ننهال ضربا، لكن على ماذا؟
ثقافتنا العربية حتى لا اقول عقلنا العربي لان العقل يطلق عادة على حالة النشاط والفاعلية عكس ثقافتنا الكسولة الارتكاسية النكوصية، أقول ثقافتنا العربية هي ثقافة الاصنام المنتصبة في عقر عقولنا، جعلت من أي محاولة لمواكبة السيرورة التاريخية محض تقمص لدور أسياسي بموهبة ضعيفة وأليات هشة، بات الفرد العربي يعاني من انفصام حاد في الشخصية فتارة تميل كفة الانحناء امام هالة الاصنام وتارة اخرى تميل كفة الانبهار والذهول من الاخر بما يخلفه الانبهار في لحظته الاولى من تقليد اعمى، اما المثقف فهو فرد خوّاف من أن يقول ما يراوده كما يراوده، يفضل أن يبقى تحت الظل حتى لا يلاقي ما لاقاه غيره ممن صرحوا بمخاوفهم فالسياسة تمسك بطرف الحبل والخطاب الديني يمسك بالطرف الاخر وقد لفاه مسبقا برقبته وكلما تحدث اكثر كلما شدا الحبل اكثر. الامر ليس بالسهل هو اشبه بالثورة بالمعنى الذي عالجته حنة ارندت في كتابها "الثورة" فعل خلاق مزلزل للطبقات المؤسسة الاولى لثقفاتنا سيقع الكثير من شهداء الفكر في سبيلها لكنها واجبة حتى نبدأ المسير
اذن خطوة خطوة نتقدم نحو فأس، خطوة خطوة نمسكه، خطوة خطوة نحمله، خطوة خطوة ننهال ضربا، لكن على ماذا؟ على: أصنامنا ...

رؤيا في النصف الفارغ/تأويل في النصف الملآن



قصيدة كتبت قبل أشهر قليلة من استشهاد البوعزيزي رحمه الله وشاء القدر أن تتحق الرؤيا و يصدق التأويل و يكون محمد الغلام الذي يشق حجاب الظلمة
إلى روح محمد البوعزيزي


        رؤيا في النصف الفارغ من كأس الغيب/

حَقْلٌ
وَ تَشمَخُ فِيهِ بَعضُ سَنَابلٍ يَبسَتْ
عُيونُ صَبيَّةٍ
مِلْءَ المَدَى تَبكِي
غُلامٌ طَاعِنٌ فِي الصَّبْرِ يَلْتحِفُ الدُّعَاءْ

جُبٌّ
عَلَى أَوْجاعِهِ خَتَمَتْ خُيُوطُ العَنْكبُوتِ
و أَعْرضَتِ  المَسَالكُ عَنْ مُلُوحَتِهِ
غُرَابٌ أَسوَدُ الأحْلامِ
يَزْرعُ فِي عُيُونِ الجُبِّ أَعْشَاشًا
يَبِيضُ ..فَتفْقسُ الأحْقادُ أَغْرِبَةً
تَضِيقُ الأرْضُ عَنهَا و السَّمَاءْ

جُبٌّ
و شَعبٌ كَاملٌ فِي الجُبِّ
مَا مَلَّ انتِظَارَ الدَّلْوِ
مَرَّتْ أَلفُ قَافِلةٍ و لَمْ تُلْقِ الدِّلاءْ
و الجُوعُ قَدَّ قَمِيصَ نَخوَتهِ
لا !!!
الجُوعُ مَا قَدَّ القَميصَ
و إِنَّمَا ما قَدَّهُ غَيرُ الجِياعِ الخَانِعينَ
و فِتْيَةٍ عَنْ أَلفِ ثَأرٍ قَاعدِينَ
قَدِ استَطَابُوا النَّومَ فِي ظِلِّ الأمَانِي و الغِنَاءْ
و قَطِيعُ أَبقَارٍ عِجَافٍ
إِثْرَهَا أَلْفٌ عِجَافٌ..
خَانَهَا عُشْبٌ و مَاءْ
تَخمَتْ ذِئَابُ الحَيِّ مِنْ لَحمِ القَطيعِ
و لَمْ يُعَلَّقْ فِي الرِّمَاحِ قَميصُ حَقٍّ أَو رِيَاءْ

طَلَلٌ
و فَوْقهُ شَاعرٌ
يَجْتَرُّ نَكْبَةَ قَومِهِ مُتَغَنِّيًا بِالخَيْلِ و البَيدَاءْ
و شُوَيْعِرٌ يَهْذِي
بِنَهدٍ نَافرٍ/طَرْفٍ كَحِيلٍ/غُصْنِ بَانٍ يَنْثنِي غَنَجًا..
و شَعْرُورٌ
بِأضْغاثِ الحَدَاثةِ بَاتَ يَهذِي
يُعَزِّي بَعْضهُ بَعْضًا بِجَهلِ السَّامِعينَ
و نَكبَةِ الشُّعرَاءِ في الزَّمَنِ الخَوَاءْ

صَنَمٌ
و أَعْنَاقٌ تُنَكَّسُ دُونَهُ
يَتَصَارَعُ الإذْعَانُ فِيهَا و الإبَاءْ

قَبْرٌ
و مِشْنقَةٌ تُغَازِلُ كُلَّ عُنْقٍ
قَدْ تُفكِّرُ في مُعَانَقةِ السَّمَاءْ

لَيْلٌ
يُحَاصِرُ أُفْقَ مِئذَنةٍ
و قَدْ بُحَّتْ حَنَاجِرُهَا و ما انقَطَعَ النِّدَاءْ

  
/تأويل في النصف الملآن

سَيَكونُ لَيْلٌ دَامِسٌ في أَرضِ يَعْرُبَ أَلْفَ ذُلٍّ أو يَزِيدْ
سَيكُونُ لَيْلا أَسوَدَ الأقْمَارِ
يَعْبثُ في رُؤَى الجَوْعَى
فَيُطعِمَهمْ ثِمَارَ العِزَّةِ القَعْسَاءِ
يَسقِيهمْ خُمُورَ الفَخْرِ بالأجْدادِ و المَجْدِ التَّلِيدْ
وتَتُوهُ أَنْجُمُهُ..
و لا رَاعٍ لِيُورِدَهَا مَخابِئَهَا و يُخْلِي الأفْقَ لِلفَجرِ الجَدِيدْ   

يَتَنافَسُ الفُقهَاءُ في جَلْدِ السُّكَارَى
- من نَبيذِ العِزَّةِ القَعسَاءِ و المَجدِ التَّليدِ -  عَلَى
المَنَابِرِ بالمَوَاعظِ في التَّصبُّرِ
و التَّعفُّفِ و القَناعَةِ بالمَقادِرِ
في جَزاءِ الصَّابِرينَ
و جَنَّةِ المُستَضعفِينَ المُعدَمينَ
و يُحْكِمُ الدِّينارُ تَكمِيمَ اللّحَى
عنْ وَصفِ ما يَلقَى المُجاهِدُ و الشَّهِيدْ
و تُدَبَّجُ الخُطَبُ الطَّويلَةُ عن وَلِيِّ الأمْرِ
عنْ حُكمِ الكِلابِ الخَارجِينَ
و ما أُعِدَّ لَهمْ مِنَ الخِزيِ المُحتَّمِ و الوَعِيدْ

الخَوفُ يَغْدُو سَقفَ أَفئِدةٍ
فَيحْجِب عن مَرَاياهَا شُعَاعَ الحَقِّ يَلمَعُ في البَعِيدْ

***

و يَوْمًا..
سَيُشرِقُ ذَاكَ الغُلامُ عَلَى ظُلمَةِ الجُبِّ
يَغفُو على حَافَّةِ المَوتِ إِلا قَليلاً
يُدَثِّرُهٌ الحُزنُ و القَهرُ
يَكْحلُ بالدَّمعِ جَفْنَيهِ
حَتَّى إِذَا مِنْ أَسىً بَلغَ الفِطْمَ 
قَامَ يُعَفِّرُ بالطِّينِ وَجْهَ الزَّمانِ الظَّلومِ
و يَخْضِبُ بالدَّمِّ صَدْرَ العِدَا

و يَحثُو التُّرابَ على
أَرْؤسِ العَاكِفينَ على الذُّلِ
يَهدمُ أَصنَامَ خَوفٍ بَنوهَا
فَصَارتْ لأَروَاحهمْ مَعبَدَا
و يُوقدُ في أَنفسِ الخَائِفينَ العَزِيمةَ
يَضرِبُ لِلحقِّ في رُوحِهمْ مَوعِدَا

يَشقُّ حِجابَ اللَّيالِي
و يَقرعُ نَاقُوسَ ثَأرٍ قَديمٍ
تَردُّ عَليهِ أُلُوفُ نَواقِيسهمْ بِالصَّدَى

سَيَقْطِفُ من أَعينِ الشَّمسِ فَجرًا
لِيسرِجَ لِلمتعَبينَ الجِهَاتِ
و يُسكبَ للظَّامِئينَ المَدَى
سَيخلَعُ قُضبَانَ كُلِّ الزَنازِنِ
مِنهَا يَمدُّ جَسورًا تَردُّ النِهايَةَ للمُبتَدَا



 رياض بوحجيلة


الاثنين، 1 ديسمبر 2014

بين سعادة طوق النجاة و لوح الركمجة


روى لي صاحبي قائلا :
سمعت يوما عن إحدى الجزر السحرية التي تقع وسط محيط الحضارة و التقدم، جزيرة توفر للمرء كل ما اشتهى قلبه، من الأحلام المادية إلى أحاسيس و مشاعر، من مشاعر المجد و الفخر و الإعتزاز،إلى الراحة و الإستجمام، من الفتيات الجميلات إلى القصور و السيارات، مناظر خلابة و شواطئ ساحرة، أمواج عالية لا يستطيع بشر مقاومة الرغبة الجارفة في ممارسة الركمجة فيها. سمعت أيضا عن شخص إسمه شعب أراد الوصول إلى هذه الجزيرة بأي طريقة، أراد الحصول على تلك الراحة الأبدية مهما كان الثمن.
سمعت أيضا عن مجموعة من الأشرار إمتلكوا سفينة كبيرة، و أرادوا الإبحار بها لوجهة لا يعلمها إلا هم، مشكلتهم الوحيدة إحتياجهم لفرد إضافي في الطاقم لينطلقوا ، فتوجه أحدهم إلى شعب و ادعى له بأنهم يعلمون أسرار محيط التقدم، و أن الخريطة إلى الجزيرة السحرية بيدهم ، و ما كان على هذا الشعب إلا التصديق  لشوقه العظيم للعيش في تلك الجزيرة.
إنطلق الأشرار و معهم شعب في الرحلة، ظانا منه أنه ذاهب إلى الجزيرة السحرية، إستمرت الرحلة لأيام و أيام و شعب مازال متيقنا أنه ذاهب إلى وجهته المرجوة. مرت أشهر و بعدها سنوات و بدأ الشك يدخل نفسه فتوجه إلى القبطان سائلا عن سبب التأخر لكن إجابات القبطان لم تكن واضحة، وعده بأنه سيأخذه إلى الجزيرة لكنه لم يضف على ذلك شيئا، مرت سنوات أخرى و في كل مرة يتجه شعب إلى القبطان يسمع نفس الإجابات، مع مرور الوقت بدأ شعب يفقد صبره، و امتلأ قلبه بالغضب، فخاف القبطان منه أن يقوم بالسيطرة على السفينة لكنه كان يعلم أنه يحتاجه، فقرر إخافته و تغيير أهم اهتماماته من البحث عن الجزيرة إلى البحث عن نجاته  فرماه في البحر و تركه للأمواج و أسماك القرش، و يبدوا أن توقع القبطان قد نجح، هم شعب الوحيد في تلك اللحظات كان النجاة، هي إنتصاره و فيها ستكون عزته و افتخاره، بدأ بالصراخ حتى ألقى له القبطان  حبلا في آخره طوق كروي الشكل  تمسك به شعب و عاد إلى السفينة سعيدا بنجاته مفتخرا بنفسه.
عادت الأمور إلى طبيعتها، استمرت سعادة شعب لأيام و ربما لأشهر، و لكن مع مرور السنوات تذكر شعب أن هدفه كان الوصول إلى الجزيرة، أن هدفه السعادة الأبدية، تذكر أنها في لوح الركمجة الذي يتمسك به باختياره  و ليس في طوق النجاة الكروي، فعاد إلى القبطان ليحدثه في الأمر، لكن القبطان لم يعطه إجابة واضحة مرة أخرى و رماه في البحر ثم أعاده بطوق النجاة الكروي و سحبه إلى السفينة. شعر شعب بسعادة غامرة لنجاته مرة أخرى، ظن مرة أخرى أن مجرد نجاته تكفي لإسعاده لكنه أخطأ مثل المرة الأولى و زالت سعادته مع مرور الزمن.
للأسف سمعت أن الأمر حصل مرارا و تكرارا و مشاعر شعب عند نجاته تخدعه كل مرة، سمعت أن شعبا تعلق بطوق النجاة الكروي لأنه كان السبب في إسعاده مرات كثيرة، لا ألومه رغم أسفي، فهو لم يجد ما يسعده غيره هذا الطوق ،سمعت أنه لم يتشجع للسيطرة على السفينة، لا أعرف ماذا سيفعل، لكني أتمنى من كل قلبي أن يحقق مبتغاه و يحصل على سعادته الأبدية من لوح الركمجة في شاطئ الجزيرة السحرية، لا سعادة مؤقتة من طوق نجاة كروي. نهاية القصة ،قال صاحبي
نظرت إلى صاحبي نظرة المتعجب، إنتابني الشك، بل كنت متأكدا، سألته، شعب هو دول العالم الفقير، طوق النجاة هو كرة القدم، القبطا..  قاطعني صاحبي متبسما،
قائلا" القصة خيالية يا يس، لا تسرح بخيالك بعيدا".